الطيب قسم السيد يكتب: العسكريون رجال دولة، ورموز مجتمع

0

شؤون وشجون

العسكريون رجال دولة،ورموز مجتمع

الطيب قسم السيد

على مر تاريخنا الحديث، لا أحد ينكر أو يتجاهل اسهام رجال الجيش السوداني، في مسيرة النضال الوطني في سبيل الحرية ونيل الإستقلال.. بدءً بالمواقف الخالدة، وعبر البطولات المجيدة، التي يحفظها التاريخ ويدونها في ذاكرته، المنصقة المتقدة،،
شعب السودان، لأبطال جيشه، الذين نقشت أمجادهم وخلدت بطولاتهم في ذواكر ووجدان أهل السودان. ومنها ما شهد به الأعداء،، وحفظه المؤرخون الأجانب، واعترفوا به وسجلوه في مدوناتهم، عن رجال كالأسود الضارية.. خاضوا اللهيب وشتتو كتل الغزاة الباغية..لم تهزمهم جيوش (الغزاة) في كرري الخالدة ،، ولكن حصدتهم ٱلتهم المتقدمة عليهم صنعا وحداثة.
اقول قولي هذا،، أيها الكرام،، وبلادنا.. جيشًا وشعبًا تخوض أشرس وأقوى معارك العزة والكرامة، في مواجهة مؤامرة دولية مكتملة الأركان. دبرتها دول وتنفذها دويلات وجهات إقليمية ودولية.
ولكن بلادنا رغم كل ما تتعرض له من غدر و استهداف، يتم هذه المرة بارشاد وعمالة بعض بني الجلدة،وتآمر بعض الجيران والأشقاء،، تواجه هذه الأيام، بصبر وتبات ،، بقيادة بواسل جيشها السوداني، رمز عزتنا،، وصمام أمان وحدتنا،، الذي يصادف عيده الرابع عشرمن اغسطس من كل عام، وهو تأريخ يجتر فيه شعبنا تلكم الأمجاد الخلدة لجيشه وتحتفي أمتنا بعيد تأسيسه العظيم.. وهي سانحة مواتية لتذكير الاجيال الحاضرة بعطاء جيشها الباسل البطل، الذي لم يكن قاصرًا فقط على الصعد الميدانية وحدها.. بل تعداها إلى اسهام وطني أفقي غطى جميع الساحات والضروب.
ويقيني أن رجالًا كالفريق عمر النور مدير المتاحف الغسكرية، والفريق عمر الخليفة طه،، واللواء معاش عبد الرحمن أرباب، المختص في التاريخ العسكري،، واللواء م. الشيخ مصطفى، واللواءم. الهادي بشري،، والرائدم. قندور وأمثالهم،،و يستطيعون أن يقدموا للأجيال الحاضرة دروسًا وطنية قيمة حافلة بالتضحية والإبداع الذي أثرى الحياة السودانية في جميع ضروبها،، بعطاء ممتد ومتنوع لرجال جيشنا، في جميع الضروب، وهو ما آمل أن تنتبه إليه قنواتنا وإذاعاتنا الخاصة والموجود والمتخصصة،مستقة وحكومية..من خلال برامج الحوار،، والبرامج الخاصة والتوثيقية.
واضيف هنا أن فصول معركة العزة والكرامة التي حمى وطيسها هذه الأيام ،، تشكل سجلًا ناصعًا يضاف إلى سفر الإنجاز البطولي المتراكم، واجب التدوين والنشر لإنعاش ذواكر الناس وإعادة نشر التجارب الخالدة ولنقل القدوة الحسنة.
واستلهامًا لدلالات عنوان مقالي هذا الذي رميت أن يجئ مركزًا على عطاء الجيش السوداني، واسهام رجاله في الحياة السودانية السياسية والمدنية والثقافية،، تكفيني بداية الإشارة للجنة سودنة الجيش وما قدمته من تجربة ناضجة ارتكزت على هديها لجنة سودنة الخدمة المدنية في بلادنا وقد أرست الأخيرة، قواعد متينة للخدمة المدنية التي بدأت سوية وذات قيم وضوابط حاكمة، هزمتها لاحقا عصبيات وتدخلات الحكومات الوطنية المتعاقبة منذ الاستقلال.
ولأن المساحة هذه لاتسمح بالتفصيل الذي قد ينتظره القارئ الكريم،، دعوني أنفذ مباشرة إلى إيراد بعض الإشارات اليسيرة عن تفوق رجال الجيش في ضروب (الإبداع الفني والأدبي والثقافي والموسيقى) ،، كما يقول شعار برنامج استاذي الجليل د.عمر الجزلي (اسماء في حياتنا). فساحتنا الفنية ومجالنا الإبداعي، زاخر بعطاء العديد من الأسماء، التي كانت ولازالت لها بصماتها في حياتنا الإبداعية وفي إدارة مؤسساتنا المدنية الناجحة.
ففي مجال الثقافة والإعلام، وتحت مسميات عدة أطلقت على الوزارة المعنية برعاية الثقافة ونشر الإبداع السوداني, كان اللواء محمد طلعت فريد الذي كان وزيرًا صارمًا ومبدعًا – في وقت معا- للاستعلامات والعمل، في عهد الفريق إبراهيم عبود. فقد كان أول من تبني فكرة المهرجانات الثقافية والإبداعية حيث رعى مهرجان الفرق الفنية في مطلع ستينات القرن الماضي،، الذي فازت في منافساته فرقة فنون كردفان،، فوجه الوزير بأن تطوف الفرقة كل أرجاء البلاد لنشر الإبداع الكردفاني الأصيل.
وكان من ثمرات عهد اللواء طلعت فريد، ايضًا،،إنشاء تلفزيون السودان في ديسمبر من العام ١٩٦٢م ،ليأتي بعده العميد عمر الحاج موسى،، وزيرًا الثقافة للإعلام في عهد الحكم المايوي فيشهد عهده إنشاء تلفزيون الجزيرة الريفي، ثم تلفزيون عطبرة في مطلع السبعينات في عهد الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري رحمه الله،، الذي اهتم بالفنون الشعبية،، فتكونت في عهده فرقة الإكروبات السودانية، وانشئ المعهد العالي للموسيقى والمسرح،، ليؤكد الحكام، العسكريون ووزراء الثقافة والإعلام العسكريون ايضًا،، أنهم الأفضل من بعض رصفائهم المدنيين.-ولا أجمل- اهتمامًا بالفنون والثقافة والإبداع في جميع مجالاته،، حتى في فترات الحكم اللاحقة.
وعلى مستوى مؤسساتنا المدنية تقف الإدارات والمؤسسات التي تعاقب على إدارتها عسكريون،، شامخة ومتفوقة في عطائها،، وتظل هي الأكثر ثباتًا والإصلب بنية وإرادة. واستشهد هنا بالمؤسسة الاقتصادية العسكرية،، والمؤسسة التعاونية العسكرية، التي تفوقت في تقديم خدماتها للجيش والشعب،، وقاعة الصداقة بالخرطوم، التي لم تطالها يد لجنة ما عرف بإزالة التمكين.. في عهد قحت اللئيم.. لتحافظ على الأقل على شموخها الذي ظل مشرفًا لعقود تتالت.
أما الأسماء المبدعة في مجال الشعر والغناء والموسيقى والرياضة والدبلوماسية،، فهم أعلام ورموز، يشهد الناس بتميز عطائهم. رحم الله من رحل منهم،، واطال عمر من هم بيننا راسخة أسماؤهم في ذواكرنا ووجداننا .. منهم مثالاً لا حصرًا،، عوض أحمد خليفة،، جعفر فضل المولى،، عبد المنعم عبد الحي،، أبو قرون عبد الله أبو قرون،، الفاتح كسلاوي,عمر الشاعر،، حسن كركب، والمطرب علي إبراهيم اللحو،، و المطرب، عبدالله عبدالقادر (البعيو) والمغني الجنوبي، وعبد الله دينق، وصلاح كوستي،، و عزالدين مزمل،، وفرقة سلاح النقل وفرقة سلاح الموسيقى. وعند الإذاعين السودانيين،، كانت تطلق الألقاب العسكرية على أكثرهم مبادرة وميدانية،، واشدهم إنضباطا،، كاحمد توفيق البكري،، أول مدير سوداني لإذاعة ركن السودان،، الذي كان إخواننا المصريون ينادونه (باللورد) لصرامته وحكمته في – وقت معا.-، وحسن فضل المولى، أبرز مديري البرامج بالتلفزيون السوداني،، الذي فجر ثورة البرامج الحوارية المباشرة على الشاشة السودانية، وكان أبرز مؤسسي قناة النيل الأزرق، و لقب الآخر- با (الجنرال) , وكبير المذيعين بالإذاعة السودانية،، الراحل عبد الوهاب أحمد صالح، الذي كان لايجامل في تطبيق معايير إختيار وتدريب وتدريج المذيعين..وحمزة مصطفى الشفيع،وهو من أشهر مديري الأدارة السياسية بالإذاعة السودانية،، ومن أشجعهم في إتخاذ القرار… ولصرامة الرجلين فيما يتعلق بالقواعد والمعايير المهنية كانا يلقبان بالعساكر .
أما استاذنا علم الدين حامد فقد ذكر لي أن رغبته الأولى كانت حاضرة وملحة في دخول الكلية الحربية وقد ذكر لي أنه جاء للخرطوم لأول مرة من جزيرة ارتقاشة مسقط راسه خصيصًا لهذا الغرض،، واجتاز كل الإختبارات إلا أنه تعسر في إجتياز الاختبار النهائي،، بسبب ما سماه الأسئلة التعجيزية التي وجهت له من قبل اللجنة.وحالته قريبة من حالة زميلنا الإذاعي الفذ مبارك خاطر الذي غادر الكلية الحربية بعد فترة من قبوله بها.ومن مراقبي الإذاعة الاقوياء لن يفوتني ذكر الصاغ التاج حمد أبرز مراقب للإذاعة
اما السجل الرياضي فهو الآخر حافل بعطاء نجوم عسكريين، بارزين، كانت لهم صولاتهم في الميادين الخضراء،، وفي العمل الإداري.. منهم في كرة القدم، جعفر نميري، لاعب نادي الاتحاد بمدينة ودمدنى،والعميد الجيلي أحمد الشريف ،، وأمين زكي،، مدافع لهلال و الفريق القومي محرز البطولة الأفريقية في العام (1970) و المدافع الجسور(سليمان عبد القادر) (ابوداؤد) ، مدافع نادي المريخ.. ومن الإدارين العميد عبد الفتاح حمد،، وحسن ابو العائلة،، وخالد حسن عباس.. ومن الدبلوماسين السفراء،، فاروق على محمد بدر،، عثمان السيد،، وعلى النميري، وعبد الرحمن سر الختم،،محمد سنوسي،،مصطفى الدابي،،وعباس عربي، وإبراهيم محمد أحمد، عماد الدين عدوي،، وعصام كرار.. وآخرون يضيق المجال هنا لذكرهم. مكانهم القلب والوجدان.. والقائمة تمتد وتطول..في كل المجالات،، لتبقى الحقيقة التي أشرنا إليها و أوردناها في عنوان مقالنا هذا،، العسكريون رجال دولة، ورموز مجتمع.

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا