مشكلة السودان … رهان الوحدة الوطنية .  

تقرير : محمد الزين الطيب

0

الخرطوم _2022/07/21_بلادي بلص

 

 

 

من أزمة إلى أخرى يتنقّل المشهد السوداني كأنما قدّر للسودانيين أن يعيشوا طوال حياتهم حروباً أهليّة وصراعات متتالية وشلالات دم لا تتوقّف ولا ريب في أن المعالجة الحاسمة لأغلب قضايا السودان الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الثقافية إنما تتوقف بالدرجة الأولى على إرساء قواعد الوحدة الوطنية كما لا شك في أن حلحلة معظم أسئلة هذه الوحدة إنما ترتهن أساساً لبسط السلام الشامل غير أن تحقيق هذا السلام يبقى معلقاً ضمن الكثير من المسائل على شرط ترميم شروخات التعايش القبلي في هذا البلاد.

 

أزمة الهوية السودانية:

يظل سؤال الهُويِّة في السُّودان من أهم أسئلة المصير السُّوداني وقد أدى الفشل في الإجابة على هذا السؤال إلى خلق منظومة فكرية مهتزة لا تقف على أرض صلبة وإلى إطالة أمد الصراعات الدموية وزيادة مساحات دوائر الاستقطاب الحاد وانتشار العنصرية التي صارت سمةً لازمة في ظل الانحطاط الفكري والسياسي، فشكَّلت وجدانا شائها،وانتماءً زائفاً وشخصيةً مُدعيِّةً وعقلاً مسطحاً. ليس من الغريب أن تسمع سودانيين يتبادلون نعوتاً عنصرية ويمارسون الكراهية فيما بينهم في وضح النهار بل وحتى في وسائل الإعلام صرنا لا نقبل بعضنا البعض نسعى إلى اقصاء المختلف عنا بكل الوسائل،إنّ أزمة الدولة الوطنية واحدة من أزمات العقل السُّوداني السياسي وهو أمر أدي إلى بروز أهمية القبيلة وعلو كعبها فوق كعب الدولة فكان الانحياز للعرق والجهة وانعدام الانتماء للكيان الجغرافي الجامع.

 

تصاعد حدة الخلافات:

بمرور الوقت واستمرار الأزمة السياسية في السودان تصاعدت حدة التوترات القبلية والعرقية وارتفعت معدلات القتل والإصابة، ما ينذر باقتراب البلاد من شبح الحرب الأهلية وخطر التقسيم. ويرى مراقبون أن المجازر التي حدثت في اقليم النيل الأزرق جنوب شرق البلاد والتي راح ضحيتها نفر كريم وكبير من أبناء البلاد وخلفت جرحي ما هى إلا إنذار شديد لجميع القوى مدنية وعسكرية باقتراب مرحلة اللاعودة، وإن لم يتم تدارك الأمر فلن نرى سودانا واحدا في الفترة القريبة المقبلة. فما سر تصاعد الصراعات القبلية في السودان. وهل هناك قوى تقف خلفها؟بداية يقول الخبراء العسكريين والاستراتيجيين والمتابعين للمشهد السياسي إن ما حدث في اقليم النيل الأزرق في ظاهرة صراع “قبلي” لكن باطنه هو استخدام تلك القبلية في الصراعات السياسية.وأضافوا أن ما حدث في النيل الأزرق وعددا من الولايات هو عملية “تسييس” للقبائل وما حدث في النيل الأزرق هو استخدام الحس القبلي لبعض الجماعات القبلية المسيسة ومحاولة تمكين بعض القبائل على حساب البعض الآخر الأمر الذي يشعل نار الفتن والصراعات القبلية لصالح جماعات وقوى سياسية معينة كما أن تلك الأساليب تولد حالة من الاحتقان وتزكي الصراعات وهو ما شاهدناه في عدد القتلى والجرحى في أحداث النيل الأزرق الأخيرة والتي أدت إلى فرض حالة الطوارىء في كل المناطق. وبعض الولايات الأخرى، وأكدوا أن السبب الرئيسي في تلك الصراعات هو استخدام القبيلة كأداة سياسية أو إدخال السياسة إلى المكون القبلي فالقبيلة كمكون اجتماعي ليس عليها شيء، بل هى مدخل للسلام والتعايش وبمجرد إدخالها في جوانب سياسية أوعسكرية نرى تلك الصراعات والنزاعات الدموية، وحول الجهات التي تعمل على تأجيج الصراعات القبلية يقول الخبراء والمتابعين للشان الاسإن الصورة الظاهرة الآن أن هناك جهات في النيل الأزرق تريد أن تستخدم الثقل القبلي لقبائل معينة لتضيفها إلى جانبها وتقوي من شأنها السياسي لتستفيد منها في حالة إجراء الانتخابات في الفترة المقبلة،تلك هى الصورة الظاهرة حتى الآن.

أضعاف السلطات:

لا يختلف اثنان على أن الصراعات القبلية أضعفت سلطة الدولة وأدّت لتآكلها، وأصبح للقبيلة أهمية أكبر من المؤسسات لا شكّ أن هذه الحال ستستمرّ ، الطرق التقليدية لمعالجة الصراعات القبيلة عبر الوسطاء “الأجاويد” لم يعد فعّالاً. فضلاً عن ذلك أصبح دفع الديات لذوي ضحايا الصراع يُشكّل هاجساً لأهل دارفور لأنّها تشجّع على تفشّي الصراع وتمثّل حافزاً على استمرار القتل في دارفور.

حل الأزمة:

عُقدت في السودان عشرات الورش والمؤتمرات حول الصراع القبلي، حملت خلاصة توصياتها مناشدات للقوى السياسية فى السودان للتعامل مع المشكلة السياسية بجديّة أكبر من أجل إيجاد حلّ توافقي عاجل يوقف الصراعات المسلحة في البلاد ويلبّي طموحات السودانيين،  يرتكز الحل الشامل على إعادة الهيبة للدولة باعتبارها السلطة العليا التي لا تعلوها أيّ سلطة أخرى، بالإضافة إلى تبنّي حكم يُؤمّن مشاركة حقيقية لجميع أطياف الوطن، يتمّ من خلاله توزيع مُنصف للثروة والسلطة وفق معايير موضوعية تقضي على الشعور بالغبن التاريخي، سيبقي الوضع في السودان مرشّحاً في ظلّ الصراع الحالي إلى فوضى عارمة، قد تشمل المركز أيضاً، إنْ لم تتواضع الحكومة والقوى السياسية السودانية لتبني مبادرات قابلة للحياة والتفاعل، يجب الايمان بسودانية الحل للأزمة السياسية المتصاعدة للقطع مع الماضي واستدامة الاستقرار المنشود،وبكلمة أخرى فإن السودانيين وحدهم دون سواهم هم من ينبغي أن يتصدروا ويمتلكوا حل أزمتهم ومستقبل وطنهم، لذلك فوحدة السودانيين وفقا لميثاق سياسي ودستوري واجتماعي محكم وجديد لهي أمر حيوي من أجل حل الأزمة وإنجاح الجهود الحميدة لإيجاد مخرج إستراتيجي لها.

 

 

 

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا