مرام البشير تكتب : من المستفيد من زيارة بايدن للشرق الأوسط 2.

0

الخرطوم _2022/07/19_بلادي بلص

 

 

كنا قد ذكرنا في ختام المقال السابق أهمية زيارة الرئيس الأمريكي بايدن للشرق الأوسط والمملكة السعودية على وجه الخصوص والفائدة الكبرى التي سوف تجنيها من هذه الزيارة ، بإعتبارها قوة إقليمية لا يستهان بها خاصة بعد تمدد علاقاتها الإستراتيجية بقوى عظمي منافسة للولايات الأمريكية كروسيا والصين لا سيما بعد الفراغ الذي أحدثته القطيعة بين الدولتين بسبب حادثة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، إذن تطور العلاقات السعودية مع كل من الصين وروسيا ساهم بصورة مباشرة في إمتلاك المملكة الكثير من نقاط القوة التي أغتنمها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ونسج بها خيوط السياسية الخارجية للمملكة في الفترة المقبلة بكل حياكة وفطنة، من أهم الفرص أو نقاط القوة التي أصبحت تملكها المملكة هي الإرادة الأمريكية القوية لإنفاذ تسويات سياسية شاملة في المنطقة لمنع أو تقليل كافة التوترات الأمنية التى من شأنها المساس بمصادر الطاقة في المنطقة ، حيث أن قضية الطاقة أصبحت المؤرق الأكبر للجانب الأمريكي والأوروبي مما يعنى أن كثير من النازعات أو الصراعات في طريقها الى تهدئة شاملة لم تنضج بعد ، ومن أهم هذه الصراعات هي الحرب في اليمن والتي من المرجح أن تنتهي بإستمرار للهدنة بين الأطراف المختلفة حتي الوصول إلى إتفاق سلام شامل ، ومن جهة أخرى فأن أمريكا ترفض أى تصعيد أو توتر أمني في العراق بإعتباره منتج كبير للنفط في المنطقة، كما أن قضية ترسيم الحدود في لبنان وإعطاء الحق ولو نسبيا لحزب الله في إستخراج الغاز اللبناني قد يلعب دور مهم في خفض التصعيد بين حزب الله والجانب الإسرائيلي وذلك بالتأكيد قد يصب في مصلحة التهدئة الشاملة التي تبحث عنها أمريكا في المنطقة لا سيما أن القضية السورية أصبحت على مشارف التسوية السياسية خاصة بعد دخول الإمارات كعامل حاسم في تقوية العلاقات العربية السورية وعودة سوريا الى الحضن العربي من جديد والتأكيد فإن هذه العلاقات التى بدأت في التطور قد أخدت الضوء الأخضر من الجانب الإيراني والجانب الأمريكي على حد سواء ولكل مصلحته في ذلك ، حيث نجد أن التصريحات الإماراتية الأخيرة على لسان أنور قرقاش مستشار محمد بن زايد والتى تحدث فيها عن أن الأمارات لن تدخل في مواجهات مع إيران بل على العكس فأنها في طريقها لإفتتاح القنصلية الإماراتية في طهران ، حيث جاءت هذه التصريحات على خلفية الحديث الإسرائيلي عن ناتو عربي ضد إيران في المنطقة وهو ماذكرنا أنه بصدد الفشل في المقال السابق، وبالعودة إلى المملكة السعودية مرة أخرى فأننا نجد أن موقف السعودية من الملف النووي الإيراني يشكل هاجسا” امنيا” لها بما يمثله من تهديد لأمنها القومي في حالة إمتلاك إيران للسلاح النووي إلا أن طريق المفاوضات الذي تسلكه أمريكا قد يفضي لحلول ترضي جميع الأطراف بما في ذلك المملكة بإعتبار أن جميع المبادرات التي تم طرحها وأخرها كان في الدوحة كانت بالتنسيق مع الجانب العربي والسعودي خاصة المبادرة الأوروبية التي تم طرحها في مفاوضات الدوحة النووية والتي إقتضت أن يظل الحرس الثوري الإيراني على قائمة الإرهاب بإستثناء مقر خاتم الأنبياء الذي يمثل الجانب الإقتصادي للحرس الثوري والذي يدير ما يقارب أو أكثر من ١٧٠ شركة ومؤسسة إقتصادية تتبع للحرس الثوري ولكن هذا المقترح الأوروبي لم يجد رواجا” لدي إيران وذلك لإعتبارات كثيرة منها ضمان عدم خروج أمريكا من الإتفاق النووي مرة أخري وبالتالي تريد مزيد من الضمانات، من جهة أخرى فأن المملكة تمتلك بجانب الفرص السابقة الحق الأكبر في التحكم في الإنتاج النفطي برغم دعوات أمريكا الملحة لضخ مزيد من النفط الخليجي في السوق العالمية ، إذ أن المملكة تملك شراكات إقتصادية إستراتيجية مع دول أخرى من خلال منظمة أوبك وأوبك بلس بما فيها روسيا، وهي تمنعها من حيث الإطار من إعطاء بايدن مايريد وربما قد تزيد المملكة من إنتاجها النفطي لكن بما يتماشى مع مصالح هذه الدول وليس بالكمية المطلوبة مما يفتح المجال لمزيد من التنازلات من الجانب الأمريكي، أما بالنسبة للمكتسبات الفعلية التي اكتسبتها المملكة على أرض الواقع من هذه الزيارة فهي تتمثل في بيان البيت الأبيض بخصوص الزيارة حيث ذكر البيان أن الطرفين وقعا ثمانية عشر إتفاقية ومذكرات للتعاون المشترك في مجالات الطاقة والإستثمار والاتصالات والفضاء والصحة، حيث يشير البيان إلى أن أمريكا رفعت حظر السلاح الذي كانت تفرضه على المملكة في السابق ، وذكر البيان أن الأسطول السعودي سوف يشارك الأسطول الخامس الأمريكي بجانب حصول المملكة على مركبات حربية حديثة ومتطورة من ضمنها أنظمة دفاع جوي حديثة، بالإضافة لتقنيات 5G و 6G المختصة بالشبكات وهي تقنية للجيل الخامس 5G ولكنها متطورة بصورة أكبر مما قد يجعل المملكة في غنى عن التعامل مع الصين ودخول شركة هاواوى للمملكة، على صعيد آخر فأن عودة العلاقات السعودية الأمريكية إلى مجاريها الطبيعية سوف يساهم بشكل كبير في رفع رصيد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في خلافة والده على عرش المملكة وهذا بدوره قد يزيد من فرص نجاح الخطط الإستراتيجية التى وضعتها المملكة وتنفيذ المشاريع الكبيرة التي تطمح أن تزيد من الاستقرار الإقتصادي للشعب السعودي، كل تلك الفرص تجعل المملكة السعودية في موقع قوة وهذا بدوره سوف ينعكس بقوة على منطقة الخليج والشرق الأوسط بصفة عامة وقد يمتد لينعكس على شمال أفريقيا التى تربطها علاقات قوية مع هذه القوة العربية والخليجية.

You might also like
Leave a comment