السودان والحرب الأوكرانية… عقوبات الولايات المتحدة الأمريكية 

0

الخرطوم – 2022/03/24- بلادي بلص

عماد يس يكتب : السودان والحرب الأوكرانية –  عقوبات الولايات المتحدة الأمريكية 

الكثير منا يرى أن تاثيرات الحرب الأوكرانية الروسية على السودان تعد تاثيرات غير مباشرة, ولكن إذا أمعنا النظر في المتغيرات العالمية خاصة خلال العقد الأخير  سيبدو واضحاً التأثير المباشر للحرب الأوكرانية على السودان على مستوى الحكومة ومستوى الشعب.

بالعودة إلى العام 2011  وقراءة الأحداث في المنطقة سترى التغيرات الكبيرة التي حدثت في ثورات الربيع العربي  خاصة في سوريا ومصر  والتي تأتي في إطار الهيمنة النيوليبرالية على العالم والتي تقودها الولايات المتحدة باعتبارها راعية الديمقراطية في العالم  مع حلفائها الآخرين متمثلين في النادي الأوربي  ويظهر ذلك جليا في دول الترويكا . بعد ذلك الوقت بقليل  وفي العام 2013 قام الرئيس الأوكراني برفض مشروع امتدادات حلف النيتو إلى الشرق والتي تم اقرارها في إعلان بخارست في العام 2008 ومن هنا ثارت عليه الثورة البرتقالية (the orange revolution )المدعومة غربيا في بداية العام 2014 مما اضره إلى اخلاء وطنه خوفا على سلامته وتم تنصيب زلنسكي في ذات العام والذي يعد من أكبر الداعمين (لاوربا ) وتغريب أوكرانيا مما دعا الرئيس الروسي للدخول إلى كرايميا وتتبيعها لروسيا كرد فعل أولى .

في ذات الاثناء كان المحور الغربي الساعي للهيمنة الليبرالية يعمل على دعم معارضة النظام في السودان للقيام بثورة للتخلص من الحكم ( الدكتاتوري) ونقل السودان إلى المعسكر الليبرالي عبر الداعمين له من الراسمالية  والعاملين بالمؤسسات التي تؤمن بالديمقراطية الغربية  هذه المساعي كللت بنجاح ثورة ابريل وازاحة الرئيس السابق .

بالنظر إلى ماسبق نجد أن السودان يحظى وبحسب موقعه الجغرافي وموارده الاقتصادية الكامنة يحظى بذات الاهمية التي تحظى بها أوكرانيا ما جعل المجهودات الغربية تتزامن في تحويل الأنظمة في البلدين إلى الحكم الديمقراطي المؤمن بالنظرية الليبرالية. 

وبالنظر إلى مالات الأمور في أوكرانيا ورد فعل روسيا نجد أن العالم في إطار التحول من القطبية الواحدة التي على راسها الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الفعل السياسي والاقتصادي العالمي إلى عالم متعدد الأقطاب كما ذكر ذلك البروفيسور جون جي ميرشايمر  في محاضراته التي القاها في كندا وأمريكا .

أثرت الحرب الأوكرانية وحسب المختصين في بروز اقطاب جديدة  في النواحي العسكرية والاقتصادية وأهم هذه الأقطاب الصين وروسيا يظهر التنسيق والتفاهم بينهما في عدم ادانة الصين للحرب على أوكرانيا حتى الان وتسمية العقوبات الأمريكية بانها عقوبات احادية الجانب , مما يعني أن الصين لن تقوم بتنفيذ هذه العقوبات ومن هنا يظهر أن القرارات الأمريكية القادمة خاصة المرتبطة بالعقوبات ستكون في موضع الأجخذ والرد من قبل جميع الدول  خاصة التي تميل مع ميزان القوي .

من هنا يمكن قراءة العقوبات التي قامت بفرضها  الولايات المتحدة على قوات الاحتياطي المركزي ومشروع القرار الذي يفضي إلى فرض عقوبات على منفذي ( انقلاب) 25 اكتوبر بالسودان بتاريخ 23 مارس ماهو إلا محاولة من الولايات المتحدة  لعدم فقدان الدولة السودانية كما حدث لها في أوكرانيا بعد استلام روسيا لزمام المبادرة الذي جعل أمريكا تتعامل بردود الفعل , فالولايات المتحدة لا تريد تكرار نفس السيناريو في السودان خاصة بعد الزيارة التي قام بها نائب رئيس المجلس السيادي لروسيا والاشارات التي توحي بامكانية انضمام السودان للمحر الروسي الصيني.

على الصعيد الاقليمي يعتبر السودان هو البديل الاقرب لكل ما فقده الشرق الأوسط من ورادات أوكرانيا من المعادن والمواد الغذائية  خاصة بعد الحديث عن الفجوه التي احدثتها الحرب في الحبوب والمنتجات الزراعية  مما يعني أن اوروبا بدورها ستقوم بالبحث عن بدائل لها خارج ناطق المناطق المحتمل تاثرها بالصراع  وهذا يعطي السودان بعداً دولياً آخر يفسر الاهتمام به بالرغم من استمرار الحرب الدائرة في أوكرانيا.

من كل ما سبق نجد أن العقوبات الأمريكية على السودان في هذا الوضع العالمي والاقليمي المعقد لن تكون بذات التاثير التي كانت عليه في حقبة القطب الواحد  ومن المرجح أن تسارع هذه العقوبات باحتضان الطرف الآخر للسودان خاصة وأنه يمتلك مقدرات اقتصادية تفوق الولايات المتحدة وقد سبق للسودان أن خاض معه تجارب اقتصادية ناجحه  من الممكن أن تتجدد  وتتطور وتفقد أمريكا نفوذها في السودان كما فقدته في شرق أوروبا.

 

You might also like
Leave a comment