مرام البشير تكتب: خطاب العطا..دلائل ومؤشرات

0

مرام البشير ✍️

(الحرب دى أخونا ود الحسين قادر عليها ) كانت هذه أحدى مقتطفات ما ذكره مساعد رئيس مجلس السيادة الفريق أول ياسر العطا

في خطابه التاريخي في معسكرات جهاز المخابرات العامة في أم درمان ، والمتابع لحديث العطا يجد أنه أدلى بهذه التصريحات بكل ثقة وأعتزاز لا سيما وأن لغة جسده كانت تشير إلى أنه يعرف تماما” ما يقول ، وعلى عكس الخطابات السابقة للعطا فإن هذه التصريحات جاءت هذه المرة مرتبة ومنظمة وتحوى رسائل ذكرها العطا واحدة تلو الأخرى ، لا سيما الجزئية المتعلقة بدولة الإمارات والتي لاقت ترحيبا” كبيرا” من الرأى العام السياسي والإعلامي في السودان ؛ وذلك لأنها لامست وجدان كل سوداني أصيل يتابع الدور السلبي لأبوظبي منذ فترة طويلة والذي تطور بعد إندلاع ثورة ديسمبر من خلال علاقتها المشبوهة بالمتمردين آنذاك ، بجانب ما تقوم به أبوظبي من سرقة ونهب لموارد السودان من المعادن النفيسة عبر عملاء محليين وإقليميين وشبكات ومنظمات مشبوهة ، إذن ماهي دلالات هذا الخطاب وماهي الرسائل التي يريد العطا إيصالها.

في تقديري أن أول رسالة وهي الرسالة الأهم تفيد أن معركة الكرامة أوشكت على النهاية ، وأن النصر بات قاب قوسين أو أدنى وهو ما تدعمه كثير من المؤشرات الميدانية ؛ وهو أيضا ما أكده العطا من خلال حديثه الذي يشير بكل وضوح إلى أن المعارك التي تدور في الخرطوم أصبحت لا ترقي لأن يتم إدارتها بواسطة أعضاء مجلس السيادة فهم لديهم من التكاليف والمهام ماهو أهم من مطاردة أذيال التمرد وعملاءه في أزقة وحواري الخرطوم .

الرسالة الأخرى مهمة أيضا وهي التشديد على قومية القوات النظامية وفي إعتقادى أن العطا أراد تطمين الكيانات والحركات المسلحة التي أنحازت لصف الجيش مؤخرا” والتي لا تريد تكرار تجربة الإنقاذ مرة أخرى بعد انتصار القوات المسلحة، وذلك ظهر جليا في حديث مني أركو مناوي في مؤتمره الصحفي الأخير بأديس أبابا حيث قال إن سيناريو إنتصار الجيش قد يعجل من رجوع دولة القمع والاستبداد مرة أخرى، وهي مخاوف مبررة لدى كثير من الحركات والدوائر الإقليمية والدولية ، إذن هي رسالة في بريد من يظن أن إنتصار الجيش قد يعيد السودان للمربع الأول، بل على العكس فإن إنتصار الجيش سوف يستغل كفرصة كبيرة لبناء سودان جديد يضم كل أطياف وقبائل الشعب بدون استثناء وذلك لتأكيده أن كل قبائل السودان على العين والرأس.

الرسالة الثالثة كانت من نصيب المنظمات الإرهابية ومافيا الأسلحة والإتجار بالبشر والتي تنتشر في الإقليم بكثافة، حيث مافتئت تدعم المتمردين بالسلاح والرجال تارة وتسرق وتنهب ثروات وممتلكات السودان والسودانيين تارة أخرى ،حتى فتيات ونساء السودان لم يسلموا من هذه المنظمات المشبوهة لا سيما تجارة الرقيق التي فتحت أسواقها في مناطق سيطرة المتمردين ، وتشير معلومات من مصادر صحفية عالمية أن خبراء حذروا من أن النساء والأطفال السودانيين المختطفين والمفقودين من المرجح أن يتم الإتجار بهم من أجل العبودية الجنسية والعبودية المنزلية في الإمارات وغيرها من الدول .

ومما لا شك فيه أن حديث العطا حول دولة الإمارات لم يكن وليد اللحظة وإنما أستند على عدد من المعلومات التى تم تداولها سابقا حول شبكة من الروابط والأنشطة بشكل مباشر أو غير مباشر بين المتمردين وأبو ظبي ،وأن الشبكة التي تغذي المتمردين هي مجموعة معقدة من رؤوس الأموال والأسلحة والذهب والمرتزقة أسستها أبو ظبي في أعقاب “الربيع العربي” وذلك ما كشفته كثير من الصحف الغربية منها صحيفة تلغراف البريطانية،حيث فضحت تورّط الإمارات في دعم حميدتي بالأسلحة والذخائر، مشيرةً إلى أن القذائف الحرارية التي عثر عليها الجيش السوداني بحوزة الدعم السريع، صنعت في صربيا عام 2020، وسلمت لاحقا” إلى الإمارات، ومن ثم وجدت طريقها إلى المتمردين.

أخيراً يمكننا القول أن خطاب العطا قد أثار جدلاً كبيراً في الساحة كان مطلوباً في هذا التوقيت الذي يتوقع أن يكون حاسماً” تجاه كثير من القضايا المتعلقة بمعركة الكرامة ، على رأسها العلاقات السودانية الأماراتية والتي من المرجح أنها قد تنعطف لمسارات أكثر سخونة في ظل تعنت وإصرار الأسرة الحاكمة في أبوظبي على استمرار دعم واسناد المتمردين وأذرعتهم السياسية والإعلامية.

You might also like
Leave a comment