وليد العوض : الاصلاح العسكري والأمني .. قراءة في عسكرة النظام الدولي المدني

0

الخرطوم _ بلادي

 

في كتابه كيف تستجيب الجيوش للثورات؟ أورد الباحث والكاتب الامريكي زولتان باراني نسب مشاركة الشعوب في الثورات الكبرى التي أحدثت تحولات سياسية واجتماعية كبرى كالثورة الفرنسية 1789 حيث شارك فيها 2% من الشعب الفرنسي، الثورة البلشفية 1917 شارك 1% من الشعب ، الثورة الإيرانية 1979 شارك 10% من الشعب الإيراني ، وعلى الرغم من تواضع هذه المشاركة الشعبية تم تصدير هذه الثورات للخارج ولعبت دورها في صنع السياسة الدولية وتوازن القوة، وعلى هذه الثورات تأسست مدارس الامن والعلاقات الدولية لتسهم في عملية تصدير مشروعها السياسي الي الخارج في شكل ميزان القوة .
في تصورات الأعلامية لثورة ديسمبر أن المشاركة الشعبية 98 % وبالمقارنة مع الثورات في صدر هذه المقالة لا تبدو المشاركة الشعبية معيار ثوري وإنما المعيار الثوري استجابة الجيوش للثورة او الانقلاب العسكري لتحقيق عملية التغيير الجذري لاستمالة الشعب لتبني مشروع الثورة ، فثورة 25 يوليو في مصر والانقاذ في السودان كنماذج انقلابية احدثت تغييرا جذريا مثل الثورة البلشفية والايرانية والفرنسية من حيث تصدير النماذج
تأسست العملية السياسية في تصورات التغيير على الانتقال من نظام احادي يعتمد اليات فكرية الي نظام الدولة المدنية وفتح المجال العام للحريات وحقوق الإنسان ، ودخلت قوى الانتقال لبناء الدولة المدنية بلا مشروع فكري وسياسي ولا حتى قواسم مشتركة ، واسهمت القوى المدنية والثورية في عسكرة الفترة الانتقال على عكس الإنقاذ التي أجرى عمليات تخفيض حمولتها العسكرية لصالح مشروعها الحضاري وفي ظني أن تجربة القوى الثورية لم تكن جاهزة واحتمت بالمكون العسكري لتفادي عودة نظام الانقاذ وحينما أعلن المؤتمر الوطني المعارضة المساندة وانتقل مشروع التغيير في السودان الي مواجهات داخل صندوق الانتقال واعتماد الجيش مهدد انتقالي وعلى هذا جاءت مطالب خروج الجيش من العملية السياسية ، اصلاح القطاع الأمني والعسكري ومن جهة أخرى وقعت المفاصلة السياسية بين القوى الثورية .
في التدخلات الخارجية كفاعل سياسي في عملية الانتقال تبدو الثورات الفرنسية والبلشفية والايرانية والأمريكية حاضرة لكن بنفاعلاتها العسكرية والامنية في سباق النفوذ لحماية الامن القومي والمصالح ولذا تنعكس تفاعلات شمال وغرب أفريقيا على الانتقال وتنظر المحاور الدولية والاقليمية لعملية الانتقال في السودان كمهدد أمني وليس حالة سياسية هو ما دفع الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الي نقل الملف السوداني من حالة وطنية الي حالة القرن الافريقي كملف امني عسكري بطبيعة جيوسياسية الإقليم.
في جدلية الإصلاح العسكري والامني مثلت المتغييرات العالمية من حيث فشل تجارب ثورات الربيع العربي التي تحولت نطاقاتها لحرب محاور دولية واقليمية ، وتداعيات الحرب الاوكرانية لعبت دورها في الرد حتمية وجود جيش واحد وجهاز مخابرات بتفويض وصلاحيات واسعة ، ففي الولايات المتحدة يجري سجال بين الكونغرس الامريكي والادارة الامريكية في تفويض صلاحية الرئيس في الحرب ، وفي إسرائيل منظومة الامن القومي تجبر رئيس الوزراء الاسرائيلي على التراجع من الإصلاحات القضائية ، وفي فرنسا المدنية وزارة الداخلية تنشر 13 الف عنصر لفض المظاهرات علي تداعيات رفع سن التقاعد ، دول الاتحاد الأوربي تفعل جيوشها وترسانة تسليحها بأكثر من 3.6 مليار يورو ، وتقارب السعودية وايران لاجراء عملية تسوية اقليمية لصالح الامن أجندة الامن القومي في المنطقة .

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا