هل أسقط الأمريكي بول بريمير مسألة الإصلاح العسكري؟ 

0

وليد العوض

 

أقر السفير بول بريمير الحاكم الأمريكي “رئيس سلطة الائتلاف المؤقتة” في العراق في حواره مع صحيفة الشرق الأوسط باخطاء حل الجيش العراقي وتفكيك حزب البعث ، ويأتي اعتراف بريمير بعد 20 عاما من غزو العراق واسقاط نظام صدام حسين على مزاعم سلاح الدمار الشامل .

غزو العراق يمثل المدخل التجريبي لمشروع الهندسة الاجتماعية للشرق الأوسط التي أعدها لويس برنارد في العام 1981 ويجري اختبارها في نطاقات الربيع العربي وثورات ما بعد الايدولوجيا ، وتعتمد خطة الهندسة الاجتماعية الأمريكية على تفكيك الدولة القُطرية عبر التقسيم الاثني (القبائل ، المذاهب والطوائف) وطور لويس برنارد الهندسة الاجتماعية كشرط لانتقال المنطقة العربية إلى الديمقراطي في كتابة الشرق الأوسط الإيمان والقوة.

في السياق السوداني شرعت القوى السياسية والمدنية والعسكرية في مشروع تفكيك حزب المؤتمر الوطني وحظر نشاطه، وتجري مناقشات عبر ورش القضايا المعلقة في الاتفاق الاطاري لتجويد النسخة الثانية من التفكيك ، وصاحبت عملية التفكيك حملة إعلامية مع توسعة الحظر السياسي لشركاء المؤتمر الوطني .

الجيش السوداني على الرغم من رمزية اعتصام القيادة وانحياز قيادته للتغيير وإعلانها عزل المشير عمر البشير إلا أن أدبيات التغيير وضعته في دائرة تهديد الدولة المدنية ولذا أطلق مصطلح “المكون العسكري ” وعلى هذا نشبت الخلافات والملاسنات وحرب التصريحات بين مكونات عملية التغيير الأمر الذي فرض إجراءات 25 أكتوبر كمفاصلة سياسية بين المكون العسكري والحاصنة السياسية لعملية التغيير.

ما بعد إجراءات أكتوبر تعددت أطروحات المواجهة المدنية عبر توصيف ما حدث انقلابا عسكريا والضغط على المكون العسكري عبر مشروع إنهاء الانقلاب، ميثاق سلطة الشعب، والدستور الانتقالي والاتفاق الاطاري الذي اصطدم بصخرة توسيع المشاركة السياسية، وعلى ما يبدو يذهب الطرح الاطاري نحو نظرية بذرة الفناء وهي بذرة النقيض للنمو والتطور والتوسع والازدهار.

توقيت اعترافات بول بريمير بخطأ قرار تفكيك الجيش العراقي يصلح كمراجعات سياسية لمسألة طرح الإصلاح الأمني والعسكري فالتجارب الانتقالية في دول الاضطراب العربي ابتدرته عملية الإصلاح العسكري والأمني قبل الإصلاح السياسي ولذا فقد تلك الدولة الجيوش، كما يبدو في الحالة العراقية ، السورية، الليبية والعراقية ومن ثغرة اضعاف وتسريح الجيوش انتقلت الدول إلى فضاءات الحرب الأهلية بتفاعلات دولية وإقليمية وتقسيم الدولة إلى دويلات مذهبية وعرقية.

طرح قضية الإصلاح العسكري والأمني في السياق الانتقالي في ظل المناورة السياسية وحالة الانقسام الرأسي والافقي داخل مكونات الانتقال تبدو مغامرة سياسية نحو إعادة سيناريوهات إصلاح الجيوش في المنطقة ، ومصدر المخاطرة أن القوى السياسية والمدنية نفسها تحتاج إلى عملية إصلاح سياسي سواء كان على مستوى التوافق على مشروع وطني انتقالي أو إصلاح مؤسسات الأحزاب ، و غياب مسألة الإصلاح السياسي ثغرة سياسية أسهمت في عدم الاستقرار السياسي في المنطقة وتحويل مسار التغيير إلى اختطاف الدولة الوطنية وصعود الدكتاتورية الناعمة ، وعلى هذه الثغرة تشهد دول الربيع العربي عملية مساومة وتسوية سياسية لمعالجة الفراغ الأمني والعسكري الذي فرضته مزاعم الإصلاح العسكري والأمني قبل الاصلاح السياسي أو الاصلاح الشامل لمؤسسات الدولة .

You might also like
Leave a comment