رأي | خطاب البرهان في “النيل الأزرق”.. جرعة دواء مهمة وتحصين للسيادة الوطنية

خطاب معتدل وجرعة دواء مهمة تدعم اللحمة الوطنية

0

لندن – خالد الإعيسر
بدءاً، لن أصمت عن كلمة حق ولن أجامل، “ولا حتى نفسي”؛ لأنساق خلف رغبات النفس الأمارة بالسوء لإيجاد مبررات تثبت شواهد ترجح كفة نقدي للآخرين، خصماً على تناول الحقائق كما وردت.
خطاب رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان بمناسبة مهرجان الرماية بولاية النيل الأزرق، خالف في كثير من النقاط رؤيتي خلال الأيام القليلة الماضية، والنقد القاسي الذي صوبته له لانحيازه لفئة دون الأخرى، وتراجعه عن وعوده السابقة التي قطعها على نفسه بصفته قائداً عاماً للجيش وقضت بالوقوف على مسافة واحدة من الجميع.
الخطاب هذه المرة كان معتدلاً.. وقدم جرعة دواء مهمة ومطلوبة تدعم اللحمة الوطنية بين القبائل المتناحرة في تلك المنطقة العزيزة من السودان، وتميز خطابه بصفة خاصة في جزئية تماسك الجيش وعدم تدخل البعض في شؤونه الهيكلية، والفنية والإدارية “خلال الفترة الانتقالية”.. بالإضافة لتناوله لجزئية تحصين السيادة الوطنية وتأكيده على عدم فرض شروط من قبل السفارات والسفراء الأجانب، “وهذه الجزئية تحديداً قالها بثقة وروح أنفة سودانية وجدت هوى في نفسي وحركت أشياء مهمة، وأتمنى أن يكون صادقاً في كل ما قاله”.
الخطاب تناول أيضاً موضوعات مهمة منها على سبيل المثال: جزئية وضع حد لتدخل السفارات والسفراء الأجانب في الشأن الوطني الداخلي، وجزئية عدم تجنيد الجيش للمرتزقة، وعدم التدخل في شؤون المؤسسة العسكرية في ظل وضع انتقالي.
أتمنى أن يستمر البرهان في السير على هذا المنوال ويثبت في ترجيح كفة الخط الوطني الواضح من دون تذبذبات، أو تردد، أو تراخٍ، وأن يبعد عن التماهي والانحياز لأي فئة خلال هذه المرحلة الحساسة من تاريخ السودان “لأنه يمثل مؤسسة وطنية”.
وأهم شيء أن يسير في العملية السلمية على أساس توسيع قاعدة المشاركة كأساس للحل.
من المهم هنا، التأكيد بأنه لا أحد يرفض الحلول والتوافق بين السودانيين لإسدال ستار على هذه الأزمة المكلفة والمرهقة للشعب السوداني، ولكن فقط نريدها أن تكون عملية سياسية شاملة لا يتمتع فيها طرف محدد بالأفضلية وخصماً على إخوانه الآخرين من السودانيين.
السودان وطن للجميع ولا أحد يرفض وجود قوى إعلان الحرية والتغيير “قحت” في المعادلة السياسية، أو غيرها من المكونات؛ ولكن الأفضل أن تكون العملية السياسية شاملة، وواسعة، ونهائية، وحاسمة (ولا تحدد لأي فئة – مهما كان ثقلها – نيل مكاسب وامتيازات خصماً على الآخرين).
عاب الخطاب تجاهله لجزئية مهمة، وهي ضرورة أن يشمل الاتفاق الإطاري هموم الآخرين وتوسيعه أو طرحه كرؤية حالها كحال بقية الرؤى المطروحة من دون إقصاء أو تمييز.
عاش السودان وطناً متماسكاً، حراً أبياً، وشامخاً بتماسك كل أجزائه وأبنائه.
ونسأل الله التوفيق للجميع.
– صحافي وكاتب سوداني مقيم في لندن

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا