وليد العوض : حكايات دستورية .

0

الخرطوم – 2022/09/12 – بلادي بلص

 

 

قدمت اللجنة التسيرية لنقابة المحاميين مقترح الدستور الانتقالي لسنة 2022 في محاولة لفرض سياسة الأمر الواقع ودعوة القوى السياسية والمدنية للتوقيع عليه، وباركت بعثة اليونيتامس الخطوة، بينما يرى خبراء في القانون والدستور أن لجنة المحاميين غير معنية بالامر ولا يحق لها صناعة الدستور، ولا يبدو أن هذا الجدل ذات أهمية في ظل تعقيدات ومآزق العملية الانتقالية التي لاتنتهي ، المهم في الأمر الدستوري أن السياقات التاريخية لصناعة الدستور وتعديلاته عادة ما تقود إلي إنقلاب في المعادلة السياسية وتغيير المشهد السياسي ، قصة دستور جديد وبديل طرحها وجدي صالح المتحدث باسم قوى المجلس المركزي للحرية والتغيير في مؤتمر صحفي 16 يناير 2021 وبهذا أقر المجلس المركزي بأن الوثيقة الدستورية لا تساوي الحبرالذي كتبت به ولا الدموع والخطب الحماسية التي صاحبت التوقيع عليها ،ولا حتى الواقع الدستوري والقرارات المستندة عليها، وعلى ما يبدو أن احزاب المجلس المركزي خرقت الوثيقة الدستورية كما لم يفعل البرهان الذي جمد بعض بنودها في 25 اكتوبر، فالانقلاب الدستوري الذي نفذته قوى المجلس أخطر من الانقلاب السياسي للمكون العسكري، قصة ما يو 1969 كثورة او انقلاب هي نتاج صراع وجدل دستوري حول حل الحزب الشيوعي مما دعا رئيس القضاء بابكر عوض الله المشاركة في تقويض النظام الدستوري لحكومة الديمقراطية الثانية ، وعلى ذات الجدل الدستوري سقطت الديمقراطية الثالثة والدستور المقترح في مرحلة العرض الثاني امام الجمعية التأسيسية البرلمان ، وتكرررت الظاهرة الدستورية في دستور التوالي 1998 الامر الذي افضى الي مفاصلة الاسلاميين ، كما قادت التعديلات الدستورية في 2018 الي حراك ديسمبر وواقع هشاشة وسيولة الانتقال الراهن .
في عام 2016 شاركت قوى ساسية ، منظمات المجتمع المدني وعدد من الصحفيين والقانونيين في ورش ومنتديات مؤسسة ماكس بلانك الالمانية الخاصة باعداد مقترح الدستور السوداني بالتزامن مع الحوار الوطني ، وعقد الهيئة التشريعية للبرلمان ورشة تدريبة بالاشتراك مع ماكس بلانك حول التعديلات الدستورية ، وقطع الحراك الطريق على أنشطة ماكس بلانك والتعديلات الدستورية ولم يتم مناقشة المسائل الدستورية في ظل دولة القانون على مدى سنوات الانتقال مع تغييب مؤسسات دستورية وحيوية في تعزيز دولة القانون، الحريات العامة والتحول الديمقراطي !
قراءة دستور تيسيرية نقابة المحاميين لا ينفصل عن محاولة احياء تجمع المهنيين من جديد وتكرار فشل الوثيقة الدستورية ، وبمثل ما أنقلبت قوى الانتقال نفسها على مرجعيتها الدستورية وتعطيل مؤسسات القانون والتشريع والتمثيل النيابي سيظل الدستور المقترح كحال الوثيقة الدستورية لان صناعة الدساتير في العهدة الانتقالية تتجاوز تطلعات الجماهير ولا تخضع لشرط الاستفتاء او عرضها على مؤسسات التشريع النيابي، وعلى اية حال فان جدل الدساتير وتعديلاتها في اللحظات الحرجة مؤشر نهاية مرحلة سياسية فوراء كل ازمة نص دستوري في السودان واقع جديد وتجدر الاشارة الي أن اخر مناقشة في صناعة الدستور ما قبل الانتقال شاركت فيه ماكس بلانك الألمانية وما بعد الانتقال استلم الألماني فوكلر نسخة من الدستور المقترح .

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا