مرام البشير تكتب : تداعيات زيارة نانسي بيلوسي المقبلة لتايوان.

0

الخرطوم _2022/07/30_ بلادي بلص

 

أثارت زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي المقررة في الشهر المقبل لتايوان كثير من الجدل على الساحتين الأمريكية والصينية ، حيث أستهجنت الحكومة الصينية الخطوات التي تريد القيام بها رئيسة مجلس النواب بما فيها زيارتها إلى تايوان بصورة غير مسبوقة لا سيما بعد توالي التحذيرات على لسان كثير من المسؤولين الصينين تجاه هذه الزيارة حتى وصلت وبحسب صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن الصين حذرت الولايات المتحدة من أنها لا تستبعد إتخاذ إجراء عسكري ردا” على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي إلى تايوان ،ونقلت الصحيفة عن ستة مصادر مطلعة أن بكين هددت علنا” إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بإتخاذ إجراء قوي إذا قامت بيلوسي بالزيارة التي من المقرر أن تكون في أغسطس المقبل، من جانب آخر أشارت الصحيفة إلى أن عدة مصادر في البيت الأبيض منها تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، ومسؤولين كبار آخرين في مجلس الأمن القومي عارضوا زيارة بيلوسي بسبب خطر تصعيد التوترات في مضيق تايوان وذكرت الصحيفة أن الرئيس الأميركي جو بايدن ذكر أن الزيارة التي تعتزم القيام بها رئيسة مجلس النواب الأميركي إلى تايوان “ليست فكرة جيدة” بنظر الجيش الأميركي ، ومن خلال ماتتداوله الصحافة الأمريكية والغربية فأن الصين قلما تترك أي تبادل على أي مستوى بين الولايات المتحدة وتايوان من دون ردّ ، إذن ماهي الدوافع وراء هذه الزيارة ؟ وما المدى الذي يمكن أن تصل إليه الصين في التعبير عن إستيائها من هذه الزيارة ؟ كل ذلك يمكن أن نجيب عليه من خلال المقال ، حيث يمكن تفصيل هذه الدوافع كل بحسب أهميته على النحو التالي:

الدافع الأول : شخصية نانسي بيلوسي

تعتبر نانسي بيلوسي سياسية أمريكية ذات نفوذ فهى أول امرأة تشغل منصب رئيسة مجلس النواب الأمريكي ،ولدت في أربعينيات القرن العشرين لعائلة إيطالية أمريكية نشطة سياسياً ، كانت تميل بشكل طبيعي نحو السياسة في وقت مبكر من حياتها ، وتعلمت الحنكة والسياسة من والدها توماس دالساندرو جونيور الذي كان زعيمًا ديمقراطيًا مهمًا ،بالإضافة إلى أنها شخصية ذات وزن سياسي كبير داخل الكونغرس وخارجه حيث أن شخصيتها أقوى بكثير من أن يتم منعها من القيام بمهامها كرئيسة لمجلس النواب الأمريكي لا سيما القيام بهذه الزيارة على وجه الخصوص،  واذا نظرنا الى الدوائر الإنتخابية والمناطق التى أنتخبت بيلوسي للكونغرس الأمريكي نجد أنها ذات أغلبية من أصول آسيوية لذلك تحاول بيلوسي بهذه الزيارة أن ترسل رسالة لتلك القواعد بأنها تحارب الصين وتقف مع الآسيويين الموالين لأمريكا كالحكومة التايوانية وغيرها،  كثير من الصحف والقنوات الإعلامية دائما ما توصف سلوك بيلوسي تجاه الصين بأنه سلوك فيه نوع من الكره للصين ، لذلك فهي ربما تحاول أن تتحدى الصين بصورة واضحة خاصة بعد ردود الأفعال السلبية التي صدرت من الحكومة الصينية تجاه هذه الزيارة،  السلطات التي تملكها بيلوسي تمكنها من إتخاذ قرار مماثل كالسفر لأى مكان أو التراجع عن السفر وليس لرئيس أمريكا أى سلطة يستطيع بها منع بيلوسي من السفر إلى تايوان ، وهو ما أشار إليه الرئيس بايدن عندما ذكر أن الصين لن تميز بين صلاحيات الرئيس الذي لا يستطيع منع بيلوسي من السفر وفقا” للدستور ولمنصبها الحساس في الإدارة الأمريكية.

الدافع الثاني : مؤشرات إزدياد الصراع العسكري بين أمريكا والصين وهو يظهر من خلال الآتي :

هناك إزدياد كبير في عدد عمليات إعتراض الطائرات والسفن الصينية في منطقة المحيط الهادئ مع الولايات المتحدة والقوات الشريكة الأخرى خلال الفترة السابقة وهو ما أكدته تصريحات الجنرال مارك ميلي ، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية خلال رحلة إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ شملت توقفًا يوم الأحد الماضي في إندونيسيا ، حيث ذكر أن الجيش الصيني أصبح أكثر عدوانية وخطورة بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس الماضية ، بالإضافة لارتفاع عدد التفاعلات غير الآمنة من خلال عمليات مماثلة ؛ وقد أمر مارك ميلي بإجراء مراجعة شاملة للتفاعلات العسكرية الأمريكية مع القوات الصينية على مدى السنوات الخمس الماضية مع تزايد المخاوف بشأن سلوك بكين الحازم في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ، وفقًا لثلاثة مسؤولين دفاعيين.

– انطلاق تدريبات “وانان” للدفاع الجوي السنوية في شمال تايوان يوم الاثنين الماضي ، مع مطالبة المدنيين بالإحتماء في أماكنهم وانطلاق صفارات الإنذار في جميع أنحاء المدن والمحافظات للإشارة إلى بدء مناورة عسكرية سنوية تستمر أربعة أيام على مستوى البلاد، حيث بدأت التدريبات التي تم ترميزها برقم 45 هذا العام ، مع انطلاق صفارات الإنذار من الغارات الجوية في مدن ومحافظات تايبيه ونيو تايبيه وكيلونج وتاويوان وهسينشو وييلان ، خلال ذلك الوقت تم إيقاف معظم حركة مرور المركبات وحركة المشاة ، كما يحدث عادةً أثناء تدريبات الغارات الجوية في تايوان ، بينما تلقى بعض الأشخاص رسالة نصية من الحكومة على هواتفهم لإعلامهم بتدريب هجوم جوي، لذلك نجد أنه من خلال إزدياد مؤشرات الصراع العسكري المتوقع بين الصين وأمريكا فأن زيارة بيلوسي قد تمنح الجانب الأمريكي الأفضلية في تولي زمام الأمور في منطقة جنوب بحر الصين خاصة وأنها الممول العسكري الأساسي لتايوان والتي تشرف على تدريب الجيش التايواني.

الدافع الثالث : المعلومات المتزايدة حول غزو وشيك لتايوان من الجيش الصيني.

أن رفض البيت الأبيض والرئيس الأمريكي لهذه الزيارة يعتبره البعض غير مبرر بإعتبار أن بيلوسي وبايدن يمثلان وجهان لعملة واحدة وهى الحزب الديمقراطي وبالتأكيد فأن هناك موافقة من البيت الأبيض على هذه الزيارة لتحقيق أهداف تخص الجانب الأمريكي خاصة وأن هناك كثير من المعلومات التي تناولتها الصحف الأمريكية عن أن الصين تستعد لغزو تايوان ، حيث أبلغت تايوان عن أكبر توغل للقوات الجوية الصينية خلال هذا العام في منطقة الدفاع الجوي التابعة لها، بينما حذّر وزير دفاع الصين وي فنغي نظيره الأمريكي من أن الصين مستعدة لإشعال حرب إذا أعلنت الجزيرة استقلالها، من خلال قراءاة هذه الدوافع يمكننا القول أن هذه الزيارة الإستثنائية قد تأجج الصراع الأمريكي الصيني الذي قد يحمل عدة أوجه أشدها هو الصراع العسكري الذي قد يبشر بحرب عالمية ثالثة إذا ما توافرت لكل الطرفين أسباب كافية لخوض هذه الحرب.

You might also like
Leave a comment