محمد الزين الطيب يكتب : خـطـاب الـكـراهـيـة

0

الخرطوم – 2022/05/26- بلادي بلص-

تقرير – خطاب الكراهية : محمد الزين الطيب

يظل سؤال الهُويِّة في السُّودان من أهم أسئلة المصير السُّوداني، وقد أدى الفشل في الإجابة على هذا السؤال إلى خلق منظومة فكرية مهتزة، لا تقف على أرض صلبة، وإلى إطالة أمد الصراعات الدموية، و زيادة مساحات دوائر الاستقطاب الحاد، وانتشار العنصرية التي صارت سمةً لازمة في ظل الانحطاط الفكري والسياسي، فشكَّلت وجدانا شائها، وانتماءً زائفاً وشخصيةً مُدعيِّةً وعقلاً مسطحاً.. ليس من الغريب أن تسمع سودانيين يتبادلون نعوتاً عنصرية ويمارسون الكراهية فيما بينهم في وضح النهار بل وحتى في وسائل الإعلام، صرنا لا نقبل بعضنا البعض نسعى إلى اقصاء المختلف عنا بكل الوسائل،

إضطراب الهوية الوطنية:
إنّ أزمة الدولة الوطنية واحدة من أزمات العقل السُّوداني السياسي، فاضطراب الهُوية، وغياب الدولة الوطنية، هو ما يقود إلى انتشار النعرات العنصرية، ووخطاب الكراهية والانتماءات القبلية، والدينية ، وهو أمر يؤدي إلى بروز أهمية القبيلة وعلو كعبها فوق كعب الدولة، فكان الانحياز للعرق والجهة ، وانعدام الانتماء للكيان الجغرافي الجامع، بهياكله المتحللة، لأنها تداخلت فيما بينها، وعجزت عن عكس هوية الجميع ، خطاب الكراهية ظاهرةٌ لم نعهدها من سنوات وقد تحولت إلى مصدرٍ من مصادر التعصب والانحياز

مهددات سلامة البناء الاجتماعي:
خطاب الكراهية يعمل على تقسيم وحدة الوطن إلى وحدات أصغر وأضعف، ويهدد سلامة البناء الاجتماعي فهذه كارثة لأنها تدخلنا في نفق من التكتلات غير المحمودة وتفتح علينا باباً واسعاً من أبواب الفتن .
إنه ليس من العقل ولا الحكمة في شيء أن يُترك اللاعبون على حبال تشتيتنا وتمزيقنا يلعبون بنا كالكرة التائهة لإنفاذ مخططاتهم في إحياء مآثر الجاهلية بيننا فمعالم الإسلام نهت عن هذا السفه المشاهد في المجتمعات الذي يزيد من التباعد لا التقارب ومن أسباب التخلف لا التقدم .يظل خطاب الكراهية واحدا من المهددات التي يجب التصدي لها باعتبارها تستهدف القيم الاجتماعية … لا سيما وأنه قابل للتطور والاتساع في ظل وجود مسببات لتمدده داخل المجتمعات.
التحالفات السياسية القبلية التي ظهرت إلى السطح في مناطق عدة .. تعتبر استغلالاً سياسياً للقبيلة والنظام الأهلي القبلي وانخراطاً من العشائر في ما هو خارج اختصاصها ودورها التاريخي المعلوم .. كما أنه يعتبر تهديداً للسلم الاجتماعي، الذي لا يجوز أن يتحول إلى ورقة ضغط في مواجهة الحكومات أوالسلطات المركزية أو الولائية … وقراراتها أوإجراءاتها.

أسباب إنتشار خطاب الكراهية:
أثار انتشار خطاب الكراهية وتسيده المشهد السياسي في السودان مخاوف كثيرين، ما دفع أصواتاً عدة رسمية وشعبية، إلى نبذه والعمل على مواجهته، حتى لا يؤدي إلى شيطنة المجتمع، بخاصة أنه وصل مرحلة خطرة يمكن أن تقود إلى تشرذم وتفتت البلاد، بالنظر إلى أن هذا الخطاب بدأ ينال من القيم والتقاليد السودانية المتعارف عليها من تسامح وترابط وتماسك اجتماعي وسياسي.لأسباب متفاوتة ومُتعدِّدة، خطاب الكراهية الذي بدأ الانتشار مؤخراً بصورة مخيفة ومقلقة، أصبح سهماً مسدداً إلى صميم القواعد والمبادئ التي تتعلق بالترابط الاجتماعي والسياسي، ويقوض خطاب الكراهية التماسك الاجتماعي وينال من القيم المشتركة، كما يمثل هجوماً على التسامح والادماج والتنوع، ويكون نقطة ارتكاز ينطلق منها العنف، مما يصيب عملية السلام والاستقرار والتنمية المستدامة وكرامة الإنسان بالانتكاسة. تداول خطاب الكراهية خلال السنوات الماضية .. أنذر بوقوع ما لا تُحمد عاقبته داخل المجتمع السوداني وهناك تخوّف من أن تكون هناك لحظة أخرى لمعركة شيطان الكراهية، ولذلك يجب محاربته لرد الخطر بجانب ضرورة بذل الجهد على نطاق أوسع لمعالجة الأسباب الجذرية.خطاب الكراهية والخطاب السياسي غير المنضبط هو اسلوب يتم توظيفه من خلال تضخيم الحقيقة أو اظهار الشائعة كحقيقة أو التشكيك فيها.
الحلول والمعالجات:
وليس بعيداً عن الموضوع فإننا نحتاج إلى عمل دؤوب لمواجهة العنصرية بعد أن صارت داءً يستشري في جسد كل الوطن ولا استثني جهةً نحتاج إلى قوانين وتوعية ومع ذلك فلن تنته العنصرية فهي مثلها مثل الفقر والمرض.يجب علينا الابتعاد عن إثارة الكراهية، وتداول أي خطاب يدعو إلى قبول الآخر واحترام التنوع والعمل على محاصرة الخطاب القبلي بنشر ثقافة السلام خاصة بعد اتفاقية السلام التي وقعت في جوبا ومربط الفرس على الصحافة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أن تتسم بالرصانة والموضوعية والدقة في تناول القضايا والنأي عن إثارة الخلافات وبث بذور الفتنة.

قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا